الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
مَنْ تَدَبَّرَ هَذِهِ الْآيَةَ حَقَّ التَّدَبُّرِ عَلِمَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الصَّادِقَ لَا يَكُونُ جَبَانًا، فَالشَّجَاعَةُ وَصْفٌ ثَابِتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، إِذَا شَارَكَهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ فِيهِ مَدَاهُمْ، وَلَا يَبْلُغُ شَأْوَهُمْ. وَمَنْ بَحَثَ عَنْ عِلَلِ الْأَشْيَاءِ يَرَى أَنَّ عِلَّةَ الْجُبْنِ هِيَ الْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْحَيَاةِ، وَكُلٌّ مِنَ الْخَوْفِ وَالْحِرْصِ مِمَّا يَتَّسِعُ لَهُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ كَقَلْبِ غَيْرِهِ. قال تعالى فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى الْيَهُودِ: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} [2: 96] وَلَا يَزَالُ الْعَالَمُ كُلُّهُ يَشْهَدُ أَنَّ الْجَيْشَ الإسلاميَّ أَشْجَعُ جُيُوشِ الْمِلَلِ كُلِّهَا، هَذَا مَعَ مَا مُنِيَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ضَعْفِ الإيمان، وَالْجَهْلِ بِالإسلام هَذَا وَمَا، فَكَيْفَ لَوْ.{وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بالإيمان لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.لَمَّا كَانَ مِنْ فَوْزِ الْمُشْرِكِينَ فِي أُحُدٍ، وَمَا أَصَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَظْهَرَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ كُفْرَهُمْ، وَقَالُوا: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا مَا قُتِلَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ نَقْلُ بَعْضِهِ، وَمَا سَارَعَ هَؤُلَاءِ فِي إِظْهَارِ مَا يُسِرُّونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَتَثْبِيطِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ نَصْرِ الإيمان إِلَّا لِظَنِّهِمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُحْزِنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ مِنْ تَسْلِيَةِ التَّنْزِيلِ لَهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} كَمَا كَانَ يُسَلِّيهِ عَمَّا يُحْزِنُهُ مِنْ إِعْرَاضِ الْكَافِرِينَ عَنِ الإيمان أَوْ طَعْنِهِمْ فِي الْقُرْآنِ، أَوْ فِي شَخْصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [10: 65] وَقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [18: 6] وَقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [35: 8] أَوِ الْمُرَادُ مِنَ السِّيَاقِ تَسْلِيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَاءَهُ وَحَزِنَهُ مِنِ اهْتِمَامِ الْمُشْرِكِينَ بِنُصْرَةِ شِرْكِهِمْ، وَمُعَاوَدَتِهِمْ لِلْقِتَالِ بَعْدَ أُحُدٍ فِي حَمْرَاءِ الْأَسَدِ أَوْ بَدْرٍ الصُّغْرَى لَوْلَا خُذْلَانُ اللهِ لَهُمْ، وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْلُ بِتَفْسِيرِ {الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}.بِالْمُنَافِقِينَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَكَذَا قَالَ فِي {الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بالإيمان} فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقِيلَ: هُمُ الْمُرْتَدُّونَ خَاصَّةً. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ هُمُ الْكُفَّارُ، قَالُوا: الْمُسَارَعَةُ فِيهِ هِيَ الْوُقُوعُ فِيهِ سَرِيعًا.وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: الْمُسَارَعَةُ فِي الْكُفْرِ هِيَ الْمُسَارَعَةُ فِي نُصْرَتِهِ، وَالِاهْتِمَامِ بِشُئُونِهِ، وَالْإِيجَافِ فِي مُقَاوَمَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا كُلُّ كَافِرٍ يُسَارِعُ فِي الْكُفْرِ، فَإِنَّ مِنَ الْكَافِرِينَ الْقَاعِدَ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ لِنُصْرَةِ كُفْرِهِ، وَلَا لِمُقَاوَمَةِ الْمُخَالِفِ لَهُ فِيهِ. وَالْمُسَارِعُونَ الْمَعْنِيُّونَ هُنَا: هُمْ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. كَأَبِي سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ الْمُنَافِقُونَ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٍ فِي سَبَبِ النُّزُولِ. وَإِنَّمَا يَأْتِي هَذَا لَوْ قَالَ: {يُسَارِعُونَ إِلَى الْكُفْرِ} إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا أَيْ إِنَّهُمْ لَا يُحَارِبُونَكَ، فَيَضُرُّوكَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُحَارِبُونَ اللهَ تعالى، وَلَا شَكَّ فِي ضَعْفِ قُوَّتِهِمْ، وَعَجْزِهَا عَنْ مُنَاوَأَةِ قُوَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهُمْ لَا يَضُرُّونَ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ. أَقُولُ: وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا بِقوله: {يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} أَيْ إِنَّهُمْ عَلَى حَالَةٍ مِنْ فَسَادِ الْفِطْرَةِ تَقْتَضِي حِرْمَانَهُمْ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ، سُنَّةَ اللهِ، وَإِرَادَتَهُ، فَلَا نَصِيبَ لَهُمْ فِيهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَوْقَ عَذَابِ الْحِرْمَانِ مِنْ نَعِيمِهَا، وَلَمْ يُقَيِّدْ هَذَا الْعَذَابَ بِكَوْنِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ أَعَمُّ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ وُقُوعًا وَنَقْلًا بِمِثْلِ قوله تعالى فِي الْمُنَافِقِينَ: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} [9: 101] فَقوله: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ} تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْحُزْنِ، وَقوله: {يُرِيدُ اللهُ} إلخ. بَيَانٌ لِكَوْنِهِمْ يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَلَا يَضُرُّونَهُ تعالى، وَجَعَلَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ تَعْلِيلًا آخَرَ، إِذَا قَالَ مَا مِثَالُهُ: فَإِنْ كُنْتَ تَحْزَنُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةً بِهِمْ وَشَفَقَةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ النُّورَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ، وَالْهِدَايَةَ قَدْ أُهْدِيَتْ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَقْبَلُونَ، وَتَطْمَعُ فِي هِدَايَتِهِمْ وَتَرْجُوهَا، وَكُلَّمَا رَأَيْتَ مِنْهُمْ حَرَكَةً جَدِيدَةً فِي الْكُفْرِ، حَدَثَ لَكَ حُزْنٌ جَدِيدٌ- فَعَلَيْكَ أَلَّا تَحْزَنَ أيضا. هَذَا مَا عِنْدِي عَنِ الْأُسْتَاذِ الْإِمَامِ، وَتَرَكْتُ بَيَاضًا فِي دَفْتَرِ الْمُذَكِّرَاتِ عَنْهُ لِأُتِمَّ فِيهِ مَا قَالَهُ، ثُمَّ نَسِيتُهُ، وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِمْ، وَأَبْصَارِهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِي نُفُوسِهِمُ اسْتِعْدَادٌ مَا لِلْإِيمَانِ، فَلَا مَسَاغَ لِلْحُزْنِ مِنْ حَالِهِمْ.وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَنْطَبِقُ إلا على مَنْ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ. فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْآيَةَ فِي مَرَدَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَإِلَّا فَهِيَ فِي مَجْمُوعِ مَنْ كَانَ مَعَ أَبِي سُفْيَأن لا جَمِيعِهِمْ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشَدُّ اتِّفَاقًا مَعَ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بالإيمان لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَالُوا: إِنَّ الْآيَةَ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَتَعْمِيمٌ لِلْكَفَرَةِ بَعْدَ تَخْصِيصِ مَنْ نَافَقَ مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْقِتَالِ، أَوِ الْمُرْتَدِّينَ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: أَعَادَ الْمَعْنَى، وَعَمَّمَهُ، وَأَكَّدَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ فِي بَادِي الرَّأْيِ تَكْرَارٌ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، وَمَنْ فَقِهَ الْآيَتَيْنِ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ فِي الْمُسَارِعِينَ فِي الْكُفْرِ، وَهَذِهِ فِي الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بالإيمان، أَيِ اخْتَارُوهُ، وَرَضُوا بِهِ كَمَا يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ بَدَلًا مِنَ الثَّمَنِ، وَيَرَاهَا بَعْدَ بَذْلِهِ فِيهَا مَتَاعًا يَنْتَفِعُ بِهِ، بَلِ الشَّأْنُ فِي الْمُشْتَرِي أَنْ يَرَى مَا أَخَذَهُ أَنْفَعَ لَهُ مِمَّا بَذَلَهُ، فَهَذَا الْوَصْفُ أَعَمُّ مِنَ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ الَّذِينَ تَرَاهُمْ يُسَارِعُونَ فِي نُصْرَةِ الْكُفْرِ، وَتَعْزِيزِهِ، وَالدِّفَاعِ دُونَهُ، وَمُقَاوَمَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَجْلِهِ، لَا شَأْنَ لَهُمْ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ تَهْتَمَّ بِأَمْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُحَارِبُونَ اللهَ، وَيُغَالِبُونَهُ، وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى ضَرِّهِ، ثُمَّ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَحْزَنَ عَلَيْهِمْ أيضا لِأَنَّهُمْ مَحْرُمُونَ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ، فَلَمَّا بَيَّنَ هَذَا كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَخْطُرَ فِي الْبَالِ أنه حُكْمٌ خَاصٌّ بِالَّذِينِ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ، فَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أنه عَامٌّ يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ آثَرَ الْكُفْرَ عَلَى الإيمان، فَاسْتَبْدَلَهُ بِهِ، فَفِي إِعَادَةِ الْعِبَارَةِ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ فِيهَا قِسْمًا مِنَ الْكَافِرِينَ لَمْ يُذْكَرُوا فِي الْآيَةِ الأولى، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ فِيهَا مَعَ تَأْكِيدِ عَدَمِ إِضْرَارِهِمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانًا لِحَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ يَدُلُّ عَلَى سَخَافَتِهِمْ، وَضَعْفِ عُقُولِهِمْ؛ إِذْ رَضُوا بِالْكُفْرِ، وَاخْتَارُوهُ، وَحَسِبُوهُ مَنْفَعَةً، وَفَائِدَةً، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا قِيمَةَ لَهُمْ، فَيُخَافُ مِنْهُمْ، أَوْ يُحْزَنُ عَلَيْهِمْ.قَالَ: وَقَدْ يَعْرِضُ لِبَعْضِ الْأَفْكَارِ، وَهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ- وَيَجُولُ فِيهَا صُورَةُ مَا يَتَمَتَّعُونَ بِهِ مِنَ اللَّذَّاتِ، وَالْقُوَّةِ، وَإِمْكَانِ نَيْلِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَذْنَبُوا كَمَا نَالُوا مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ بِذَنْبِهِمْ، وَتَقْصِيرِهِمْ، فَيَقُولُ الْوَاهِمُ: آمَنَّا، وَصَدَّقْنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ سَيُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ نَعِيمِهَا، وَلَكِنْ أَلَيْسُوا الْآنَ مُتَمَتِّعِينَ بِالدُّنْيَا؟! أَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْقُوَّةِ مَا يُمَكِّنُهُمْ مِنَ الِاعْتِدَاءِ عَلَيْنَا؟ وَقَدْ كَشَفَ هَذَا الْوَهْمَ. اهـ.
|